في حفل افتتاح رسمي مبهر شدّ أنظار العالم إليه، بملعب “البيت” في العاصمة القطرية الدوحة، الذي يحتضن مساء اليوم مباراة قص شريط منافسات نهائيات “المونديال” المقامة لأول مرة في دولة عربية، بمباراة تجمع المنتخب القطري بنظيره من الإكوادور؛ تحظى الجوانب الأمنية والترتيبات التنظيمية، التي أسهم فيها الأمن المغربي، بحيز كبير من الاهتمام، نظرا لوزن الحدث الرياضي الأضخم عالمياً.
واستعانت قطر بالخبرة المغربية في تنظيم التظاهرات الكبرى، وتأمين الفعاليات الرياضية، بناء على “إعلان مشترك” تم توقيعه، مطلع أكتوبر الماضي، يقضي بتعزيز التعاون الأمني لتأمين فعاليات “كأس العالم 2022″، الجارية في الفترة الممتدة بين 20 نونبر و18 دجنبر.
الإعلان كان من أهدافه تعزيز التعاون الأمني بين المغرب وقطر، وتنفيذ كافة الخطط الرامية إلى ضمان الأمن خلال فترة كأس العالم التي تستمر 28 يوماً؛ فضلاً عن “الرفع من مستويات الأجهزة الأمنية المعنية بتأمين المونديال وضمان سلامة المشجعين”.
ويعود الاستعداد الجيد لضمان تنظيم فعاليات كأس العالم في ظروف أمنية جيدة إلى شهر فبراير من العام 2022، بعد سلسلة لقاءات جمعت مسؤولين أمنيين مغاربة مع وفد قطري رفيع المستوى، حسب ما ذكره بلاغ لوزارة الداخلية حينها، وخلص إلى “تجديد دعم المملكة المغربية لدولة قطر الشقيقة والتأكيد على استعدادها لتقديم كافة الإمكانات والوسائل البشرية واللوجستيكية من أجل إنجاح تنظيم الحدث الكروي البارز لبطولة كأس العالم لكرة القدم سنة 2022”.
كما يشار إلى أن وفدا أمنيا مغربيا زار قطر نهاية شهر ماي 2022 قصد الوقوف على المنشآت والملاعب التي ستستضيف البطولة العالمية، لاسيما ملعب افتتاح البطولة. وكانت زيارة عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، الأولى من نوعها لمسؤول أمني أجنبي تفقّد هذه المنشأة الرياضية القطرية الضخمة.
وقبل 3 أيام، استبق المنظمون حفل الافتتاح بعقد الخلية الأمنية المكلفة بتأمين كأس العالم أولى اجتماعاتها التنسيقية الخميس 17 نونبر 2022، بمركز قيادة عمليات كأس العالم بالدوحة؛ بمشاركة ممثلي الوفود الأمنية التي تمت دعوتها من قبل البلد المستضيف لقيادة وتنسيق العمليات الأمنية، وهي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ومصر والسودان وتونس والمكسيك وإيرلندا والكويت، ثم المغرب الممثل بوفد مهم يضم مجموعة من خيرة الكفاءات الأمنية في مجال تأمين التظاهرات الرياضية الكبرى.
وشارك الوفد المغربي في هذه الاجتماعات التحضيرية في سياق مواكبة المصالح الأمنية المغربية لمختلف الاستعدادات الفعلية لتنظيم كأس العالم بدولة قطر؛ من خلال “توفير التجربة الميدانية والنظرية للأشقاء في قطر، حيث سبق للمغرب أن استضاف وفودا أمنية رفيعة المستوى، وممثلين عن هيئة تنظيم المونديال، في مناسبات عدة خلال السنة الجارية، اطلعوا خلالها على كيفية التعامل مع الأحداث الكبرى، وطبيعة تدبير الحشود في الملتقيات الرياضية العالمية”.
اعتراف بالخبرة المغربية
في هذا الصدد قال إحسان الحافظي، الباحث في العلوم الأمنية، إن “المشاركة الأمنية المغربية في تأمين أحداث تظاهرات كأس العالم هي اعتراف بجاهزية المصالح المغربية وخبرتها في مجال إدارة الأحداث الكبرى وتدبير سيكولوجيا الجماهير التي تكون في حالة جماعية متقلبة في مثل هذه المناسبات الرياضية”.
وأشار الحافظي، في تصريح لMoroccoLatestNews، إلى أن “اتخاذ الحضور الأمني المغربي مستوييْن؛ الأول يهم تأمين حركية الجمهور وتنقلاته طيلة أيام التظاهرة الرياضية في قطر، بينما الثاني يهم الجانب الاستعلاماتي الخاص بتقدير المخاطر الممكنة وتداعياتها على الأمن الداخلي”؛ ما يجعل مصالح الأمن المغربي “ضمن الخلية المصغرة لتتبع وإدارة الحدث الكروي”.
الخبير في الحكامة الأمنية سجل أن “المغرب راكم تجربة مهمة في تنظيم المظاهرات الرياضية الكبرى، مع قدرة عالية على تأطيرها وضبطها”، مشددا على كون “العرض الأمني المغربي يتسم بالجدية والنجاعة والفعالية، بشهادة أجهزة أمنية رائدة وقوية بكفاءتها وإمكانياتها وأجهزتها الاستخباراتية، مثل ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا”، وخلص قائلا: “الشراكة الأمنية المغربية مع البلدان العربية تعزز ثقافة التعاون الدولي في مجال الأمن ومجالات أخرى”.
للإشارة، فإن المغرب يشارك ضمن مركز القيادة الأمني الخاص بتدبير المونديال بأطر أمنية متخصصة في الأمن الرياضي وفي التعاون الدولي الأمني وجمع وتحليل المعطيات العملياتية واستغلالها في تأمين التظاهرات الرياضية الكبرى. ومن المتوقع أن يلعب هذا المركز الدور المحوري في مواكبة الجماهير الكروية عموما، وتقديم الدعم والمشورة الأمنية.
ولم تقتصر المشاركة المغربية على مواكبة أمنية عادية للمونديال، بل وفرت المصالح الأمنية المغربية للوفد الأمني القطري برنامجا متكاملا للتكوين في المخاطر السيبرانية المرتبطة بالأحداث الرياضية.