شغب ملاعب الكرة يسائل تخليق الأندية الرياضية و"التهييج الإعلامي" بالمغرب

مع كل مباراة تعرف حضورا وازنا للجماهير على غرار مباراة الديربي” بين فريقي الرجاء والوداد البيضاويين لكرة القدم، تعود مظاهر الشغب إلى الشوارع وتتحول الأزقة إلى ساحات معارك.

مباراة الرجاء والوداد برسم البطولة الوطنية، التي احتضنها الملعب التابع للمركب الرياضي محمد الخامس مساء أمس الأحد، لم تخلُ من سلوكات تضع مرتكبيها في خلاف مع القانون، خصوصا أن ما وثقته كاميرات الهواتف يحمل تخريبا للممتلكات واعتداءات على الأشخاص وكر وفر مع الأجهزة الأمنية.

وفي كل مناسبة رياضية كبرى، يطرح السؤال: من المسؤول عن الشغب الرياضي؟ ومن يحمي المواطنين والممتلكات الخاصة والعامة من التخريب؟

تخليق الأندية لتخليق المشجعين

أكد هشام رمرام، الباحث في الشؤون الرياضية، أن ظاهرة الشغب، التي باتت تعرفها الكثير من المدن مع نهاية كل مباراة، هي نتاج التجمع الذي تعرفه الملاعب للجماهير؛ ما يتسبب في انفعالات وتشنجات وانحرافات ورفع يافطات غير قانونية، بينما الرياضة لا علاقة لها بالشغب.

ولفت رمرام، ضمن تصريحه لجريدة MoroccoLatestNews الإلكترونية، إلى أن هؤلاء الشباب الذين يحلون بالملاعب “يحملون أي إحباط مجتمعي لهذه الفضاءات ويفرغونه بطريقتهم”، معتبرا حالات الشغب “معزولة وغير مقبولة”.

وشدد المتحدث نفسه على أن “الشباب لهم طاقة، بالتالي يجب أن تكون هناك سياسات تنتبه إلى ذلك؛ حتى لا يظل الملعب الفضاء الذي تفرغ به هذه السلوكات، وأن تتم مواكبة دراسية لهم، مع نشر الممارسة الرياضية والتربية على أن الانتماء إلى الفريق ليس هو التعصب ورفض الآخر”.

وأشار الباحث نفسه دائما إلى أن الروح الرياضية “تتجلى في مصداقية المؤسسات الرياضية التي صارت اليوم مرادفة لخرق القانون من جموع عامة، وتجاوزات قانونية بمجموعة من الأندية مع قضايا رياضية؛ ما يفرغها من المصداقية، الأمر الذي ينمي حقدا على المؤسسة الرياضية وعلى كل مؤسسة تظلم فريقه”، مضيفا أن هذا “يتطلب التخليق الرياضي بالمؤسسات على مستوى التدبير لا أن تكون مؤسسات تضرب بعرض الحائط الإطار القانوني”.

تهييج الأندية والإعلام

قال محمد الشمسي، المحامي بهيئة المحامين بالدار البيضاء، إن هذه الظاهرة تظل معقدة ومركبة، وأن الشغب يتحول الفعل المنسوب لمقترفيه من الجنحة إلى الجناية في بعض الحالات.

وأكد المحامي نفسه، ضمن تصريحه لجريدة MoroccoLatestNews، أن هذه الظاهرة التي يعاقب عليها القانون تنتج جراء اتحاد عوامل كثيرة ومتداخلة؛ ضمنها “شغب المسؤولين وشغب الإعلام”، حيث التهييج والتحريض يسبق المباريات أحيانا من لدن الأندية نفسها، ومن طرف بعض وسائل الإعلام، لاسيما مع انتشار الأنترنيت.

وسجل المتحدث نفسه أن بعض الممارسات الصادرة عن رؤساء وممثلي الأندية الرياضية تستوجب المتابعة؛ بالنظر إلى أنها تكون سببا في شحن الجماهير وجعلها مستعدة لارتكاب أي سلوك عدواني تخريبي مخالف للقانون، باعتبار ذلك المسؤول يستنجد بالجماهير ويشكو لها ما يتعرض له فريقه وفريقهم من “مجزرة تحكيمية” على حد وصفه وهذا فيه شغب مبطن.

وأردف المحامي بهيئة المحامين بالدار البيضاء أن الإعلام الذي يقوم بمواكبة وتغطية هذه المباريات يشارك بقصد أو غير قصد في تأجيج الوضع، من خلال المصطلحات التي يتم توظيفها قبل وأثناء وبعد المباريات؛ من قبيل المعركة وقتل المقابلة وقذيفة صاروخية، وغيرها.

وفي هذا السياق، شدد الشمسي على أن توظيف المعلق الرياضي أو الكاتب الصحافي لمصطلحات غير رياضية تدخل في خانة الحروب وليس الرياضات؛ الأمر الذي بات مطلوبا وقفه وتوقيفه أو مساءلة الوسيلة التي بثت ذلك من طرف “الهاكا”، على اعتبار أن خطابها يصبح محفزا وملهبا لحماس هؤلاء الشباب اليافعين والغاضبين والمشجعين.

أحدث أقدم